الثلاثاء، 18 ديسمبر 2012

زيوت عطرية

الزيوت العطرية أو الزيوت الطيارة عبارة عن مستخلصات زيتية سهلة التطاير يحصل عليها من النباتات أو أجزاء منها، تتميز بأن لها رائحة فواحة، مثل زيت القرنفل على سبيل المثال.
على العكس من الزيوت الدهنية فإن الزيوت العطرية تتبخر بشكل كامل ولا تترك أي أثر خلفها. تتكون الزيوت العطرية من العديد من المكونات المختلفة، وهي منحلة في الدهون على الرغم من أنها لا تحوي أي مكونات دهنية. انحلالية هذه الزيوت في الماء ضعيفة، وتشكل قطيرات سائلة تطفو على السطح لأنها أقل كثافة من الماء.
تمثل الزيوت العطرية المواد الرئيسية المسؤولة عن الرائحة المتميزة للنباتات، وهذه المكونات الطيارة لها القدرة على التبخر والتطاير تحت الظروف العادية.
وتتميز الزيوت العطرية بسهولة فصلها عن الأعضاء النباتية الحاملة لها بواسطة طرق التقطير والاستخلاص المختلفة.
تاريخ الزيوت العطرية
تؤكد البرديات الفرعونية والآثار التاريخية والموميات، أن المصريين القدماء كانوا أول من استعمل العطور وعرف قيمتها في المرء من نشاط وحيوية وقدرة على العمل والابتكار، فلقد أعجبوا بها وفتنتهم روائحها المختلفة، حتى أصبحت من تقاليد الحياة الفرعونية ومن الأشياء المعتاد استعمالها كل يوم في الموروث المصري القديم، وأضحت تقليدا عاديا في زيارتهم وحفلاتهم وأعيادهم.
ففي بعض أوراق البردي التي يعود تاريخها إلى حوالي ألفي عام قبل الميلاد، توجد كتابات تثبت أن الحضارة الفرعونية القديمة كانت تستخدم الدهون العطرية، على شكل أقماع صغيرة تنبعث منها روائح عطرة تفوح في البيوت والشوارع.
وفي عام (1928) اكتشف أحد علماء الآثار في أحد المقابر الفرعونية، آنية فخارية تحتوي زيوتا عطرية يعود تاريخها إلى (3557) عاما. وقد كانت الملكة كليوبترا من أكثر المغرمين باستخدام العطور والزيوت العطرية في تعطير القصور والملابس ومياه الاستحمام وعربة الركوب وكل مكان تذهب إليه، وبعدها انتقلت الزيوت العطرية إلى بقية الحضارات 
مصادر الزيوت العطرية الطبيعية
توجد العطور في بعض النباتات على هيئة زيوت أساسية، وهي مزيج من مواد طيبة الرائحة ومواد أخرى لا رائحة لها.
وغالبا ما توجد هذه الزيوت في سيقان تلك النباتات والأوراق والازهار، وتعتبر بعض الصخور والحيوانات مصدرا مهما لأغلى أنواع العطور الزيتية، ومنها:-
  1. يستخرج عطر العنبر من معدة الحوت الأزرق، ويسمى أيضا حوت العنبر، وأحيانا يلفظه خارجا ليطفو على سطح البحر، فعندما يتغذى الحوت على الأسماك وأحياء البحار يكون فيه ما يهيج أمعاءه فلا تهضم فيقوم بإفراز مادة تحيط بهذا الشيء الذي يؤذيه ثم يلفظها في البحر، وهذه المادة هي العنبر ولها قوام الشمع ذات لون رمادي أو أبيض أو اصفر أو اسود، وكثيرا ما تجمع بين أكثر من لون، يلتقطها الإنسان من على سطح بحر المحيطات.
  2. يستخرج عطر المسك من حيوان الأيل، ويعرف بأيل المسك، ويوجد المسك في بطن الأيل الذكر داخل كيس يبلغ حجمه حجم حبة البرتقال.
ولا بد من قتل الأيل لفصل هذا الكيس أو الغدة فصلا كاملا ثم تجفيفه في الشمس أو نقعه في زيت ساخن، والمسك الجيد هو مادة جافة قاتمة اللون أرجوانية ملساء مرّة المذاق، والغريب أن المركّز منه رائحته غير محببة أما إذا خفف طابت رائحته.
  1. المسك الأبيض البارد، ويستخرج من جبال أوروبا، حيث يتكون بصورة طبيعية عندما تتفاعل بعض أنواع الصخور مع الثلوج المتراكمة على تلك الجبال، فينتج عن ذلك التفاعل كتل هشة من الصخور البيضاء يميل لونها إلى بعض الصفرة.

طريقة استخلاص الزيوت العطرية

لعب العرب منذ القدم دورا هاما في تطوير طرق الاستخلاص والتحضير العطرية بواسطة التبخير والتكثيف والتقطير على أيدي علماء كبار أمثال ابن سينا استخرجها بطريقة نقية ومركزة، وكذلك جابر ابن حيان وهو أول من فصل مادة الكحول عن طريق التقطير، ثم تطور الأمر لاحقا لتعدد طرق استخلاص الزيت العطري، ومن أهم هذه الطرق:-
  1. الاستخلاص بالتقطير.
  2. الاستخلاص بالمذيبات العضوية.
  3. الاستخلاص بالعصر الهيدروليكي.
  4. الاستخلاص بالتحلل الانزيمي.

الصفات الطبيعية للزيوت العطرية

إن صفات الجودة للزيوت العطرية تتوقف أساسا على الصفات الطبيعية، وأهمها الرائحة أو النكهة المميزة. وأهم الصفات الطبيعية وثوابتها للزيوت العطرية على السواء هي:
  1. اللون، معظم الزيوت الطيارة عديمة اللون، والقليل منها أصفر مبيض، والنادر إما أزرق أو أخضر.
  2. الرائحة، معظم الزيوت الطيارة تتميز بالرائحة العطرة، ونادرا ما تكون رائحتها نفاذة غير مرغوبة بها.
  3. التطاير، الغالبية العظمى للزيوت الطيارة والمستخلصة تتبخر أو تتطاير تماما تحت الظروف الطبيعية والعادية عدا القليل منها مثل زيت الليمون وذلك لاحتوائه على بعض المواد غير المتطايرة كالمواد الصمغية.
  4. الإذابة، جميع الزيوت لا تذوب في الماء، إلا أنها تذوب في الكحول بنسبة (95%).
  5. الكثافة النوعية، وتختلف قيمتها للزيوت الطيارة باختلاف مصادرها النباتية، ومعظم الزيوت العطرية كثافتها أقل من كثافة الماء النوعية، مما يعمل على طفو الزيت العطري فوق سطح الماء.


لا شك أن الفراعنة أول من استخدم الزيوت العطرية في العلاج وتقوية الأبدان، وقد كانوا يدلكون جسمهم بها بعد الاستحمام، وكانوا يستخدمون زيت الكمون قبل الممارسة الجنسية لإنجاح الحمل، وتظهر المنحوتات والرسوم على المعابد والمقابر الفرعونية ذلك الاستعمال، كما وجد مكتوبا على الأوراق البردية المصرية، أسماء زيوت وعلاجات للعديد من الأمراض، وكذلك استعمل الصينيون طب الزيوت العطرية في حقب تاريخية قديمة وفي زمن يقارب زمن الفراعنة.
كذلك تابع الإغريق استعمال الزيوت العطرية للطبابة والتجميل، وكتب الطبيب الإغريقي المشهور(دستوريدس) كتابا عن التداوي بالأعشاب والنباتات، ولا زال يستخدم كمرجع طبي غربي إلى يومنا هذا.
ولما اجتاح مرض الطاعون بلاد أثينا القديمة، أمر(أبقراط) بحرق الورود والنباتات العطرية على زوايا الشوارع لمنع الوباء من الانتشار، فقد كان(أبقراط) على علم بأن الزيوت العطرية المنطلقة من تلك النباتات والورود لها دور فعال في مكافحة انتشار المرض.
ومن ثم أخذ الرومان معظم المعارف الطبية من الإغريق، وحاولوا تحسينها، وصارت عادة عندهم غسل اليدين بعد الطعام في أوعية مملؤة بالماء والورود، كما كانوا يستعملون هذه الوصفة طوال النهار لغسل الوجه واليدين وسائر الجسم لإزالة رائحة العرق، وقد اشتهروا بوضع أكاليل الزهور على الرأس لعلاج الصداع وللزينة أيضا.
أما عن دور العرب، فلقد طور ابن سينا هذا العلم وقدم له أهم المنجزات التي تمثلت باستعمال عملية التقطير واستخراج الزيت الصافي المركز ليضعه في قوارير صيدلية لاستعماله في معالجة مختلف الأمراض، كما تمكن ابن سينا من تقطير الكحول لتخفيف كثافة الزيت قبل وضعه على الجلد. وفي القرن العشرين، كان الكيميائي الفرنسي (رينيه موريس جاتيفوس) أول من أجرى الأبحاث على الزيوت العطرية الطبية، وفي تجربة ما، إحترقت يده في المختبر، فوضعها في زيت ورد الخزامى، فكانت دهشته شديدة عندما تعافت يده من الحروق بسرعة.

طريقة استخدام الزيوت العطرية في العلاج:-

شاع استعمال الزيوت العطرية في العلاج بسبب قدرتها على النفاذ بدرجة فائقة خلال طبقات الجلد نظرا لصغر حجم جزيئاتها، مما يجعلها تمتص إلى تيار الدم، وقد ثبت أن أغلب تلك الزيوت العطرية لها مفعول مطهر يقضي على البكتيريا والجراثيم.
وهناك عدة وسائل لاستخدام الزيوت العطرية في العلاج منها:
  • إضافة قليل من الزيوت العطرية إلى بعض أنواع الزيوت الطبيعية، مثل زيت اللوز لتخفيفها واستخدامها في تدليك الجسم كله أو بعض أجزائه.
  • إضافة قطرات من الزيوت العطرية المركزة إلى ماء حمام دافئ ويمكث فيه الإنسان حوالي ربع ساعة.
  • إضافة قطرات من الزيوت العطرية إلى إناء به ماء ساخن يوضع في غرفة النوم حتى يتم استنشاق البخار المعطر المتصاعد.
  • إضافة قليل من الزيوت العطرية إلى محرمة ورقية واستنشاقها عن طريق الأنف.
ويجب عدم تعاطي الزيوت العطرية عن طريق الفم أو وضعها على الجلد مباشرة دون تخفيف، حتى لا تتسبب في إحداث أية آثار جانبية ضارة.

آلية عمل الزيوت العطرية في العلاج

يذكر الدكتور مجدي محمد صبره، المتخصص في الطب البديل، وعضو المجلس البريطاني للعلاج بالوخز بالإبر: أنه عند استنشاق الزيوت العطرية، فإن جزيئات منها تصل إلى الرئتين وتنتقل مع الأكسجين إلى الدم ثم إلى أعضاء الجسم المختلفة. أما عند ملامسة الزيوت العطرية للجلد، فإن بعض جزيئاتها تمتص وتنتقل عن طريق الدم إلى بقية أعضاء الجسم. وهناك رأي علمي يفسر نظرية الزيوت العطرية العلاجية من خلال تأثيرها في عصب الشم، فعند استنشاق الزيوت العطرية عن طريق الأنف، فإنها تنشط نهايات الأعصاب الموجودة في الجزء العلوي من الغشاء المخاطي للأنف، فتقوم بنقل رسائل عصبية إلى المخ عن طريق عصب الشم، فتعمل على تنشيط مراكز معينة في المخ ومن ثم تنشيط الغدة النخامية التي تتحكم في وظائف الغدد الصماء الأخرى، حيث تفرز الهرمونات المختلفة التي تؤثر في وظائف أعضاء الجسم.

طريقة تحضير الزيوت العطرية

للأسف إن كثيرا من هذه الزيوت مرتفع الثمن وغير متوافر في الأسواق، لكن لحسن الحظ يمكن تحضيرها بطريقة سهلة غير مكلفة في المنزل وذلك على النحو التالي:
  • تقطع الزهور أو الأوراق للنبات العطري إلى أجزاء صغيرة.
  • توضع في زيت نباتي مثل زيت دوار الشمس وفائدة هذا الزيت أنه يمتص الزيت العطري من النبات.
  • يسخن الخليط على نار هادئة.
  • ولزيادة تشبع الزيت النباتي بالزيت العطري، تصفى أجزاء الزهور أو الأوراق في الوعاء، ويعاد وضع زهور أو أوراق جديدة مع استمرار التسخين الهادئ.

فوائد وصور استخدام الزيوت العطرية

ثبت أن للزيوت العطرية مفعولا قويا مضادا للبكتيريا والجراثيم، كما أنها تعتبر مطهرا قويا وقاتلا للجراثيم، ومزيلا للمرض والعدوى، ومن أهم صور استخدام الزيوت العطرية:-
  • يعتبر التدليك بزيت اللافندر وسيلة فعالة لمساعدة الجلد على امتصاص هذه الزيوت، كما أنه وسيلة ناجحة لتنشيط الدورة الدموية وتدفق السائل الليمفاوي وإراحة العضلات المرهقة ومساعدة الجسم بالتخلص من السموم وتسكين الألم في بعض مناطق الجسم.
  • الاستنشاق لعلاج نزلات البرد والأنفلونزا باستخدام زيت اللافندر وزيت الكافور، ويكون الاستنشاق بإضافة بضع قطرات من الزيت في وعاء به ماء مغلي، ويقوم المريض بالانحناء فوق الوعاء مع وضع منشفة فوق رأسه مع التنفس العميق من خلال الأنف، وهذا التنفس يساعد على فتح الممرات الأنفية، بينما يساعد التنفس العميق من خلال الفم في علاج تقرحات الحنجرة.
  • إن رش الزيوت العطرية في هواء الغرفة يساعد في القضاء على الجراثيم، ويفضل هنا استخدام زيت شجرة الشاي، ويمكن تحقيق ذلك بوضع قطرات من الزيت في إناء يحتوي على ماء مغلي، أو بوضع قطرات من الزيت على المصباح الكهربائي قبل إضاءته.
  • تناول الزيت العطري بالفم لعلاج الأمراض المعوية، كاستخدام زيت الورد أو البابونج مضافا إليه السكر أو العسل.
  • استخدام كمادات زيت الورد أو اللافندر أو الجرانيوم، لعلاج التهاب الثدي عند المرضعات.
  • استخدام زيت العرعر لعلاج الروماتيزم والأكزيما، وذلك بإضافة أربع قطرات من الزيت إلى نصف كوب من زيت اللوز، ويدلك الجلد المصاب برفق عدة مرات يوميا، ويمكن إضافة (8) قطرات من الزيت النقي إلى ماء الاستحمام الدافئ، وإذا خلطت بضع قطرات منه مع زيت فول الصويا فإنها تنفع في معالجة التهاب المثانة وآلام الحيض عند الدلك أسفل المعدة.
  • ويستخدم زيت نبات العطر لتحسين طعم المواد الغذائية، وإصلاح الاضطرابات الهرمونية والعادة الشهرية، كما أنه منبه ومطهر قوي وقاتل للفطريات والجراثيم، ويستخدم كغرغرة في علاج التهابات الحلقوم والبلعوم واللوز وذلك بإضافة (3) قطرات منه في نصف كوب من الماء الساخن.
ولا شك ان هناك العديد من الزيوت العطرية الطيارة الشائعة الاستعمال، أصبحت الآن في متناول اليد، ومن السهل الحصول عليها وعلى الوصفات العلاجية أيضا، وفيما يلي ملخص بأسماء بعض الزيوت العطرية الطبيعية وفوائدها العلاجية:-
  • زيت الأنيسون:
يقضي على قمل الرأس
  • زيت البابونج:
يقوي الدم ويخفف الحرارة
  • زيت البردقوش:
ينظم الدورة الشهرية
  • زيت الريحان:
يغذي الشعر ويقويه
  • زيت الزعتر:
يطرد الديدان ويقتلها
  • زيت العرعر:
ينفع كثيرا في علاج الشلل
  • زيت القرنفل:
مطهر للفم ومسكن لآلام الأسنان ومقو للثة
  • زيت اللوز:
يعالج البواسير والأكزيما والحكة، ويفتت الحصوات البولية، ويسكن آلام الأذن الوسطى ويقوي غشاء طبلة الأذن، ويعالج النمش والكلف والحروق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق